Free MaxPack: CPC sites


الرحلة يرويها لنا ابو مانع مع عائلته فيقول:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أنا والكثير منكم أكيد من محبي الطبيعه والابتعاد عن زحمة وازعاج المدن

هاذي ثالث مره أزور فيها بريطانيا وحاليا صار لي قرابة الشهر في لندن

فقررت هالمره أنا والأهل نطلع في رحلة استرخاء للتمتع بجمال الأرياف والطبيعه الخلابه

فكان لنا وقفه وحيره لأي منطقة نروح ونقضي فيها هذي الرحله

في البداية قررنا التوجه الى منطقة البحيرات ( Lake Distriects )

لأني أسمع انها منطقة جميله وتتمتع بطبيعه جميله

ولكن هذا ماكان يكفيني عشان أقطع مشوار بدون درايه كافيه بالسكن من واقع تجربه شخصيه أو أحد ويفيدنا فيها

وكتبت موضوع للاستفسار عنها في المنتدى , لكن بدون أن أحصل اجابه من شخص مجرب

فغيرت الوجهة الى منطقة تبعد عن لندن قرابة ( 3 ساعات ونصف ) بالقطار

==

اسم المنطقة ( Liskeard ) في مدينة ( Corwall )

عددنا ( 5 ) أشخاص ... 3 كبار وطفلين

سعر التذاكر كامله ذهاب وعوده = 137 باوند

الذهاب على الدرجة الاولى , والعوده على الدرجه العاديه

( لأن الفرق مش كبير بينهم ... بس كنت أحب أجرب بنفسي وأعرف الفرق بينهم )

وعلى فكره ... هذا السعر كان مخفض كون عندنا أطفال تحت 4 سنوات

لأن لما يكون عندك أطفال ويسافرو معك يكون لك تخفيض .. من غير تخفيض البطاقة العائليه الخاصه بهم

==
عموما توكلنا على الله وكان خط الرحله بالقطار كالتالي

من محطة ( بادنجتون ) في لندن – الى محطة ( ليسكارد ) في كورن ويل

وهنا الأسماء بالانجليزي للي حاب ياخذها حرفيه

( Paddington ) - ( Liskeard )

==

المده الزمنيه للرحله 3 ساعات ونصف , لكنه حصل تأخير وتوقف وصارت المده 4 ساعات

ولكنها كانت جميله بسبب المناظر والخضره اللي منتشره على طول الطريق

والحين بترككم مع بعض المناظر من القطار والمناظر اللي شاهدناها في طريقنا

( وماراح أكثر منها لأن تركيزي بيكون على المنتجع بشكل أكبر )

Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
وهذي كراسي الدرجه الاولى ... وكانت فعلا أفضل من الدرجه العاديه كونها أوسع
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
ووصلنا بالسلامه الى محطة ( ليسكارد ) وأخذنا تاكسي الى منتجع غابات Deerpark

المسافه كانت تقريبا 18 ميل من المحطه وكان سعر التاكسي 24 باوند

بعدها وصلنا للغابه الجميله وتفاجأنا بروعتها وجمال المنتجع وطبيعته الخلابه جدا

وهاذي بعض المناظر لهذا المكان الجميل والبقيه تأتيكم

أول ماوصلنا نزلت أنا الاستقبال ومجرد ماعطيتهم الاسم سلموني المفتاح
وقلت لهم أهم شي الموقع يكون مميز ... قالو خذ المفتاح ولو ماعجبك المكان ارجع لنا

وأول ماطلعت من عندهم على طول قابلنا هذا المنظر

Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
وسكنا في هذا الكوخ الجميل , اللي يتكون من غرفتين وصاله ومطبخ وحمام أعزكم الله

( والسكن مهيأ لعدد 6 أشخاص كبار من غير الأطفال )

Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
وكانت هذي البحيره هي اطلالتنا في الصباح والمساء مع صوت غدير المياه بقربنا
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
( وفخاطري قلت ... اللي يرجع لكم ويقولكم ان المكان مب عاجبنه )
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
وكنا نتمشى بين هالمناظر في تجولاتنا من و الى السكن
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
هذا منظر للكوخ اللي سكناه من زاويه اخرى
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
شو رايك وانت جالس على البلكونه وتستمتع بهالمناظر والطبيعه والأجواء البارده مع كوب كابتشينو حار
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
وشو رايك لما تطلع انت وأهلك وسط الغابه وماتسمع الا أصوات العصافير وأغاريدها

Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
وشو رايك مع هالجوله وسط الغابه تلقى مجرى مياه عذب بين الأشجار وتلعب فيه انت وأطفالك
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
مانع يجهز نفسه للعب بالماء بفسخ حذاءه ( والأب من الطرف الآخر خلف الكواليس )
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
بعدها ترجع السكن وتكمل جلسه فالبلكونه وتبدأ تجهز العشاء بنفسك
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
وفالأخير أهديكم كعادتي أحد الورود اللي صورتها قرب الكوخ
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
عبارة عن وصف لمدينة حمص من قبل بعض المؤرخين عندما مرّوا بها
وهو المؤرّخ:
عيسى اسكندر المعلوف
الذي قام برحلة من زحلة إلى حلب بين 17و30 آب

والمدن التي مرَّ بها القطار نقطتف منها مايخص منطقة حمص :
ونبدأ عندما نهب القطار الأرض بسرعته الغريبة فرأيت عن يميني أطلال
مدينة جوسة وهي التي اشتراها السلطان كتبغا لما قدم دمشق سنة 1295م وصار
إلى حمص فجدّد بناءها لأنها أخربة خالية . ومقابلها الآن إلى اليسار جوسة
العامرة وهي فيها دير قديم للقديس الياس النبي .
ثم بدأت بحيرة حمص تنجلي للعين كأنها مرآة تنظر فيه السماء وجهها وهي
سدّ قديم حصرت فيها مياه العاصي حتى أُصعدَت إلى مدينة حمص لسقيا أرضها
وهناك يرى الناظر عظمة الأقدمين وعنايتهم بالزراعة وبناء السدود وقد
عرفها التاريخ ببحيرة قدَس أي المقدسة وببحيرة حمص والمرجح أن حمص كانت
تسمى قدَس قديماً , وقرب هذه البحيرة جبل أكروم وهو فرع من جبل عكّار إلى
الجنوب الغربي من حمص وهناك وادي خالد وهو مضيق ينفذ منه إلى تلك النواحي
ومعدّل طول هذه البحيرة نحو خمسة كيلو مترات بعرض أربعة . وسدّها مبني من
أسفله بعرض عشرين متراً إلى أن ينتهي بستة , ومعدّل علوّه نحو سبعة أمتار
وفيها أسماك لذيذة الطعم وعليها قرى يرتزق سكانها من صيدها ولما دنونا
منها رأيتها :

بحيرة للعــيون تبدو في غاية الحسن والصفاء
كأنها إذاصفت وراقت في الأرض جزء من السماء



وفي شماليها جزيرة صغيرة تسمى تل التينة كانت حصناً نازله رعمسيس الثاني
كما هو منقوش في هيكل الأقصر بمصر وكان ذلك في القرن الخامس عشر قبل
المسيح وصحبه شاعره بنتاؤور فوصف تلك الموقعة نظماً . وحدثت قرب هذه
البحيرة معارك شديدة أهمها موقعة الحثيين ومحاليفهم مع شلمناصر الثالث
ملك آشور آخر موقعة حدثت هناك بين إبراهيم باشا المصري وبين العساكر
العثمانيين سنة 1832 م .
ثم أشرف القطار على مدينة حمص ( ومعنى اسمها المقدسة ) وكانت فيها
قديماً عبادة عزيز الآله السامي المتصلة بالشمس فسميت مقدسة وكان له فيها
هيكل فخيم وعُدّت هذه المدينة قبل دمشق مدة طويلة قصبة ولاية فينيقية
اللبنانية , ولما فتحها الإسلام قسموا سورية إلى أعمال كانت حمص جنداً
لها وأدخلوا تحت حكمها مدينتي حماه وقلعة المضيق ( أفاميا ) لأنها كانت
من أكبر مدن سورية في وسطها الشرقي . وقد ذهب بعض سكانها إلى الأندلس
فنزلوا مدينة أشبيليا فسمّيت حمص الأندلس ومن لطيف وصفها قول أبي جعفر
الألبيري البصير نزيل
حلب :
حمص لمن أضحى بها جنة يدنولديها الأمل القاصي
حلّبها العاصي ألا فاعجبوا من جنة حلّبها العاصي

وأراضيها فسيحة خصيبة تعطي نحو ألف ألف مُدْ من الحبوب المختلفة وهواؤها
جيد وهي مشهورة بمنسوجاتها وبكثير من الأُسَر والعلماء الذين نبغوا
بالآداب . وفيها قلعة كبيرة خربة
ولما جاوز بنا القطار حمص حتى أستشرفنا على جانبيه كثيراً من القرى
الهرميّة الأبنية من اللبْن تتخللها خيام العربان التي منها الفواعرة
والعكيدات والنْعيم والمعاجير . ثم رأينا صحاري البطيخ الكبير الحجم
الصقيل القشر وتمثّلت لنا عن يميننا جبال قُرن الحجل أوقرون حماه وعندها
قرية الرستن المشهورة ببطيخها اللذيذ وهي كبيرة سكانها اليوم مسلمون
يتخللها العاصي وسمّيت قبلاً ( لاريصة الشام ) وكان أسقفها ملاتيوس الذي
صار بطريرك انطاكية في القرن الرابع للميلاد .
وهنا نترك مؤرخنا يتابع رحلته إلى حماه فحلب .

(1) عيسى اسكندر المعلوف ( 1868- 1956) مؤرخ لبناني عضو المجامع العلمية
في مصر , دمشق , بيروت , البرازيل . من مؤلفاته ( تاريخ الأسَر الشرقية )
و( تاريخ الامير فخر الدين )
(2) ( النعمة ) مجلة نصف شهرية كانت تصدرها البطريركية الأنطاكية الارثوذكسية
المصــادر:
ـــــــ
مجلة النعمة الجزء 8 السنة 1 30/9/1909
= 17 = 1 15/2/1910
= 18 = 1 27/2/1910
الكاتب جورج فارس
1909 مستقلاً القطار واصفا ًباسلوبه الجميل كافة المواقع والقرى والبلدان 8/12/2002
سيرة رحالة هربت من نفاق المجتمع اللندني الأرستقراطي
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot

يمثل كتاب لورنا جيب «السيدة هيستر» حكاية سفر وترحال، تحمل الكثير من التجارب الممتعة والمؤلمة على حد سواء. الكثير من المعاناة والوحدة، والقليل من الحب والاستمتاع بالحياة. هي الحياة ذاتها كما تمنت أن تعيشها السيدة هيستر ستانهوب. فقد قررت أن تعيش حياتها كما أرادت، مهما كانت العواقب أو المخاطر. مثلها في ذلك مثل السيدات الأوروبيات اللائي قررن السفر إلى الشرق الاوسط في القرن الثامن عشر، ليس فقط لاكتشاف عالم جديد، ولكن لبحثهن عن الحرية بعيداً عن المجتمع الأرستقراطي بعاداته وتقاليده البالية

نشأت الدكتورة (لورنا جيب) مؤلفة هذا الكتاب في «بيلشيل» بـ«اسكتلندا»، وعملت كمحترفة عروض تعبير حركي بـ«إيطاليا» لفترة وجيزة، قبل أن تتجه للدراسة في جامعة بريطانيا. حصلت (جيب) على درجة الدكتوراه من جامعة «ادنبرة»، وحاضرت في العديد من الجامعات منها هلسنكي وشيفلد، والعديد من الجامعات الأخرى. وقد حاضرت جيب أيضاً كضيفة في جامعة «سالزبرج». ويعتبر عملها الأدبي «السيدة هيستر» أول أعمالها الكتابية التي تتناول السيرة الذاتية للرموز التاريخية.

ويلقي الكتاب الضوء على السيرة الذاتية لإحدى الرحالات الأوروبيات، وهي الليدي هيستر ستانهوب، التي عاشت لمدة ستين عاماً منذ عام 1779، إلى عام 1839. الليدي هيستر سيدة أرستقراطية ولدت في عصر الثورة الفرنسية، التي تأثرت وأعجبت بها، وذلك لأن والدها كان واحداً من أتباعها. وبعد وفاة والدها، ارتحلت لتقيم عند خالها رئيس الوزراء البريطاني ويليام بيت. وبعد وفاته في 1806، قررت أن تختار متعة وتشويق السفر والترحال، والمغامرة، بعيداً عن الحياة كعانس في مجتمع «لندن» الهادئ، الذي يجبر أعضاءه على التطبع بطبعه.

بطلة هذه الأحداث ذات فكر تحرري متمرد إلى حد بعيد، فهي ترى في السفر والترحال تغييراً وتجديداً للأفكار. وعلى الرغم من أنها كانت واحدة من أفراد المجتمع الأرستقراطي الانجليزي، فهي لم تجد فيه نفسها، ولا شخصيتها، لما يتسم به المجتمع، كما ترى الكاتبة، من ادعاءات ونفاق اجتماعي ونميمة، الأمر الذي كانت هى إحدى ضحاياه نتيجة عدم زواجها وعلاقاتها العاطفية الفاشلة.

بعد وفاة خالها، قررت الليدي هيستر الابتعاد عن المجتمع الانجليزي، والذهاب في رحلة استكشافية للشرق الأوسط. وكان برفقتها في هذه الرحلة طبيبها الخاص تشارلز ميري ون. تعرضت رحلتها للخطر لأول مرة عند غرق السفينة التي كانت تقلهما، ولكن تم إنقاذها بأعجوبة، وتلا ذلك تعرض رحلتها إلى العديد من المخاطر الأخرى. وبعد ذلك، تم استقبالها في تركيا بحفاوة، فهي لا تزال واحدة من الطبقة الأرستقراطية. وكان يستقبلها ويرحب بها كبار رجال الدولة والقيادات. وأكملت رحلتها في الشرق الأوسط، حتى وصلت إلى جبال لبنان، واختارت أن تستقر هناك، فاتخذت لنفسها منزلاً كبيراً شيدته بنفسها.

ومن الواضح أن الليدي هيستر قد نجحت في الاندماج مع المجتمع اللبناني، وكانت في المقابل تحظى بكثير من الاحترام والتقدير. فقد كان لبنان يتعرض في هذا الوقت لكثير من الصراعات الطائفية العصيبة بين المسيحيين والدروز، وكان يعاني أيضاً المجاعات والاحتلال العسكري، وقد أرادت الليدي هيستر أن تكون حيادية في حكمها على النزاعات السياسية الموجودة، ولكنها لم تستطع، وذلك لأنها ساندت الجانب الدرزي، وقد حولت منزلها إلى مكان لإغاثة الشعب والجنود، هذا إلى جانب مساعدتها للفقراء والمحتاجين من كل مكان.

إن الكتاب يسرد حياة إنسانية فريدة تمتاز بقوة الشخصية والصلابة والعناد، حتى انها عندما ذهبت لاسطنبول، رفضت زي المرأة التركية، ورأت في زي الرجل ما يعبر عن شخصيتها وفكرها. وعندما انتقلت إلى الشرق الاوسط، أطلق عليها الناس لقب ملكة الصحراء نسبة إلى الملكة «زنوبيا» قديماً، وذلك لتشابه الشخصيتين.

تعرضت السيدة هستر للكثير من الإحباطات، وكانت أيضاً مليئة بالمتناقضات، فقد أرادت أن تهرب من الترف والحياة الأرستقراطية الانجليزية، ولكنها كانت تحيى بنفس النمط في الشرق. وعلى الرغم من أنها كانت تندد بالعبودية وترفضها، إلا أنها كانت تعامل خدمها معاملة سيئة. من جانب آخر، كانت كريمة مع ضيوفها وتساعد المشردين والفقراء. وقد عانت هي أيضاً الكثير من الجفاء والوحدة، وكانت تخاف كثيراً من الأقاويل التي انتشرت عنها في انجلترا، مما جعلها لا تريد ـ ولا تستطيع ـ العودة لوطنها، وانتهى بها الأمر إلى موتها وحيدة غارقة بالديون.

يمثل هذا الكتاب التجربة الأولى للكاتبة الدكتورة لورنا جيب، وقد قامت بجهد كبير كي تجمع المادة الخاصة بالكتاب، فقد تتبعت خطوات هيستر في الشرق الأوسط، واستعانت برسائلها، وما كتبه طبيب (هيستر) الخاص (تشارلز ميري ون)، ونجحت في أن تساعدنا على الرجوع بالزمن إلى الوراء، وتصور ما كان عليه الشرق الأوسط في ذلك الوقت بأماكنه وشخصياته، ونجحت أيضاً في شحذ خيالنا وجعلنا نتخيل هذه الحياة غير العادية التي عاشتها السيدة (هستر) من قلب الشوارع الضبابية في «لندن»، إلى قلب الانعزال وسط جبال لبنان.






Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot

يزخر تراثنا الإسلامي برصيد مجيد من أدب الرحلة خلفه رحالة علماء أفذاذ ودونوا لنا ما لم تدونه كتب التاريخ السياسي ومصادره،

فسجلوا في كتاباتهم تلك مشاهداتهم المختلفة وصنفوا عادات وتقاليد الشعوب المختلفة وتحدثوا عن طبائع الناس وتطرقوا لتحليل جوانب أكثر دقة وأهمية في مختلف المجالات، ودمجوا ذلك وصاغوه بأسلوب يجمع بين الواقعة التاريخية وعنصر الإثارة والتشويق.

ويمكن بذلك أن نقول: "إن أدب الرحلة يمثل نوعاً من الكتابة تكثر فيه الشهادات المدونة التي تنقل المطالع إلى أصقاع بعيدة لا يعرفها فتطلعه على أحوال تلك البلدان جغرافياً واجتماعياً وتاريخياً واقتصادياً.

ويقف على رأس القائمة الطويلة للرحالة المميزين في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) اليعقوبي، وابن وهب القرشي، وسلام الترجمان، وفي القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) المسعودي، والمقدسي، وابن حوقل، وابن فضلان، وفي القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي) عرف الناس أبا الريحان البيروني، في حين عرفوا في القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي) رحالة المغرب الذين شدوا رحالهم صوب الشرق قاصدين حج بيت اللّه الحرام أول أمرهم ثم تأصل حب الرحلة في قلوبهم فأولعوا بالتنقل والترحال ودونوا ذلك في مؤلفات خالدة القيمة والأثر نذكر منهم الإدريسي وابن جبير، وأبا حامد الغرناطي، وابن أبي بكر الهراوي، وإذا انتهينا إلى القرنين السابع والثامن الهجريين (الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين) فإننا نذكر بكل فخر واعتزاز في هذا المجال رحلات البغدادي والحموي المغربي، حتى إذا انتهينا إلى أرفع مستوى بلغت فيه رحلات العرب المسلمين أقصى غاياتها من حيث الغنى ومن حيث الاتساع نجد ابن بطوطة وقد أنفق في رحلته حوالي ثمانية وعشرين عاماً قطع خلالها ما يساوي مائة وعشرين ألف كيلومتر، ثم نجد البلوي وابن جابر، ونجد كذلك محمد بن قو سلطان مالي.

وفي عصرنا الحالي يطل علينا عدد من الرحالة العرب المشاهير تمكنوا من التجول والسفر والترحال بين بلدان العالم المختلفة ودونوا بأسلوب بارع ذي نفحة أدبية خفيفة أطرافاً من رحلاتهم في عدد من الكتب القيمة في هذا المجال.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نجد أن الأدب العربي قد حفل بالكثير من القصائد والنثر الذي يحث على الأسفار والرحلات كما حفل بالكثير الذي يعارض ذلك.

ونورد على سبيل المثال ما ينسب للإمام الشافعي من قوله رحمه اللّه حاضاً على الرحلة والسفر:

تغرب عن الأوطان في طلب العلا

وسافر ففي الأسفار خمس فوائد

تفريج هم واكتساب معيشة

وعلم وآداب وصحبة ماجد

فإن قيل في الأسفار ذل وغربة

وقطع فياف وارتكاب الشدائد

فموت الفتى خير له من حياته

بدار هوان بين واش وحاسد

أما المعارضون للسفر والرحلة فقد عبر عنهم شاعرهم بقوله:

تفكر إخوان وفقد أحبة

وتشتيت أموال وخيفة سارق

وكثرة إيحاش وقلة مؤنس

وأعظمها يا صاح سكن الفنادق

فإن قيل في الأسفار كسب معيشة

وعلم وآداب وصحبة فائق

فقل كان ذا دهراً تقادم عهده

وأعقبه دهر كثير العوائق

وهذا مقالي والسلام مؤبد

وجرب ففي التجريب علم الحقائق

فقام أحدهم يجرب السفر والرحلة فقال:

سفر الفتى لممالك وديار

وتجول في سائر الأمصار

علم ومعرفة وفهم واسع

وتجارب ورواية الأخبار

ومن عوامل نجاح أدب الرحلة التي يمكن أن نشير إليها في هذا المقال أن تكون الرحلة مدونة تدويناً موضوعياً بعيداً عن الفرضية وأن يكون الرحالة متصفاً بالنزاهة والواقعية فضلاً عن كونه مزوداً بالعلم والثقافة والمعرفة.

ونظراً إلى هذه المضامين، فقد عد الباحثون أدب الرحلة علماً من العلوم، إذ إن أصحابه ألموا فيه بكثير من المعارف، فتحدثوا عن البلاد التي زاروها، وعن طبيعة الأرض والمناخ والمواقع والحدود والأبعاد والارتفاعات، ولم يهملوا أحياناً البنيان والآثار، وصوروا أحوال السكان وطباعهم وأعيادهم وحرفهم وما يؤدونه من الضرائب، وما كانت تختلف به الألسنة وتتغير اللهجات، فشملوا بذلك مختلف أنواع الجغرافية، ويمكن أن نشير هناإلى ما تزخر به كتابات الإدريسي في "نزهة المشتاق" وابن جبير في "كتاب الرحلة" وابن بطوطة في "تحفة النظار" وناصر خسرو علوي في "سفر نامة" والقاسم التجيبي في "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم"، ومحمد بن عمر التونسي في كتابه القيم "تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان"، إلى غير ذلك من الكتابات الراقية التي تنقل القارئ إلى المناخات والبيئات والأجواء والأزمنة التي كتبت فيها تلك الدراسات القيمة



Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot

السفر بالطائرة: أكثر الوسائل أمانا وشعبية في العالم رغم مخاوف الكثيرين من السفر جوا. والصورة مأخوذة أثناء رحلة إلى الشرق الأقصى فوق مضيق ملقا بين سومطرة الإندونيسية وسنغافورة (تصوير: ابن بطوطة)

انقطعتُ عن التدوين هنا، لا لأسفار هذه المرة، فقد كانت سفرتي الأخيرة في نوفمبر الماضي، أي منذ أربعة أشهر في فترة ما بين عيدي الفطر والأضحى، بل لمشاغل عمل وظروف عائلية شتى. ولم انقطع في الوقت نفسه عن قراءة تعليقات محبي الأسفار وأخبار الأمصار وعن التعقيب عليها. فضلا عن متابعات هنا وهناك لمدوناتي المفضلة، وهي ليست كثيرة على كل حال، لا لأن المدونات لا تستحق، بل أصبحت الأيام تجود بعطاءات فكرية وثقافية متزايدة من المدونين والمدونات، ولكن للوقت حدود مهما طال واستطال، مثلما لكل ليل آخِر ولكل نهار أول. كما أن الوقت كالأسفار، له مبتدأ وله منتهى وبينهما محطات.

وحين سنحت لي فرصة الكتابة مؤخرا، عدت لملفي الذي أحتفظ فيه برؤوس أقلام وأفكار مكتوبة ومشروعات موضوعات، فوجدت فيها ما لم يحن بعد أوان نشره، ومنها ما يتطلب مراجعات وإضافات للتحقق من معلومات أو لإضافة بيانات. وهكذا، فضلت التريث في إمدادكم من المخزون. والقديم (من أفكاري) بالنسبة لي، جديد بالنسبة لكم. ومع ذلك، سأبذل المستطاع لمراجعة ما تجمع لدي من موضوعات غير مكتملة أو أفكار لم تنضج بعد، حتى أقدم لكم بعض الكتابات المناسبة. وهكذا يكون إكرام الضيف؛ لا بد من تقديم وتجهيز ما يليق بوقته واهتمامه وتوقعاته وتطلعاته.

وتدوينة اليوم خواطر واستشارات (حتى لا أسميها نصائح!) بعضها مكتوب منذ فترة، وقد أضفت إليها هذه المرة بعض الجديد، فأصبحت هذه هي الحصيلة.
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
نقطة الانطلاق: لحظة استلام العفش هي نقطة البدء بعد الوصول، وإذا تأخر العفش أو ضاع فمن هنا بداية المتاعب. الصورة للركاب وهم ينتظرون حقائبهم في صالة القدوم بمطار هونج كونج (تصوير: ابن بطوطة)



* السفر قطعة من العذاب، كما ورد في الأثر، ولكنه لا يخلو من متعة وتشويق، ففيه خروج عن المألوف، وروتين الأيام، وقيود العمل، وفيه اكتشاف الجديد والمجهول. لكنه في المقابل لا يخلو من منغصات ومواقف صعبة أو غير مرغوبة. ويتحدد موقف كل منا من السفر، رأيا وانطباعا وخبرة، بناء على تجربته مع السفر وكيفية سلوكه في الأحوال العادية وتصرفه في المواقف غير العادية.
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
كراسي الانتظار: وضعت في المطارات لراحة المسافرين، ولكنها كثيرا ما تكون أداة تعذيب إذا طال الانتظار وتأجلت الرحلات أو ألغيت. أما من تفوته رحلة فلن يطيق الجلوس على مثل الكراسي لحظة واحدة (الصورة التقطها أحد الأصدقاء دون علمه قبل إقلاع طائرته والسبب أن الكاميرا كانت جديدة عليه!)
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
استراحة: يمكن للمسافر أن ينسى عناء السفر ومتاعبه بتناول إفطاره في محيط هادئ في مثل هذا المكان، وهو شرفة أحد مطاعم فندق البستان Garden Hotel وهو أحد أكبر فنادق الصين ويقع في مدينة قوانزو (كانتون) المشهورة بمعرضها التجاري السنوي (تصوير: ابن بطوطة)


* ككل شأن من شؤون الناس والحياة، ودون تعميم مني ولا تخصيص، هناك من ينظر إلى المسافر نظرة قد لا تتوافق مع رغبته أو حقيقته. فالمسافر في عمل وهو ناجح قد يُنظر إليه بحسد، أو بفضول كالسؤال أو التساؤل عن تكاليف الرحلة أو نتائجها المالية كأرباح أو صفقات أو ما إليها. والمسافر في علاج يُنظر إليه على أنها فرصة للسياحة والتنزه وقد ينسون الدعاء له بالشفاء! والمسافر في دراسة، وخاصة للشباب، أول ما يخطر ببال بعضهم إنه على أول طريق الانحراف أو الفساد. والمسافر في صيد سيقال عنه إنه صيد من نوع آخر! أما المسافر في سياحة فهو محسود محسود محسود. وهذا في البلدان الميسورة الحال والفقيرة على حد سواء. أما في الدول الفقيرة فالمسافر في سياحة أو المغترب لطلب عمل فهو محسود ومحقود. أما المسافر في دعوة إلى الله أو طلب علم شرعي فسيقال عنه كل شيء إلا الغرض المقصود من سفره. ولهؤلاء وأولئك أقول: دعوا الخلق للخالق، وليقض المسافر وقته وحاجته كيف يشاء، وليترك وراءه قول القائلين وغرض المغرضين وحسد الحاسدين. ولا ينسى دعاء السفر والمعوذتين قبل أن يبدأ رحلته!
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
السفر مع الأطفال: متعة ولكنها نقمة أحيانا لحاجتهم الدائمة للرعاية ولتأثير مشاق السفر فيهم ككثرة التنقلات واختلاف درجات الحرارة والتغيير المفاجئ في البرنامج أحيانا كتعديل الرحلات أو إلغائها… والصورة لأم تساعد طفلتها الصغيرة على النهوض بعد تعثرها أثناء السير في أحد ممرات مطار هونج كونج (تصوير: ابن بطوطة)
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
سفر وأعمال: رجال أعمال سعوديون عند مدخل أحد فنادق الخرطوم. التجارة والأعمال من أهم أغراض السفر منذ عرف الإنسان الأول التنقل والأسفار، وهي من أبواب الرزق الواسعة التي تدر أموالا طائلة لقطاع السفر والسياحة في كل مكان (تصوير: ابن بطوطة)

* للحديث مع جليسك في السفر متعة خاصة، فغالبا تجلس في طائرة أو قطار أو حافلة (باص) بجوار شخص لا تعرفه، إذا لم يكن معك رفيق سفر أو رفقاء. وأحيانا تجالس شخصا تعرفه، فإما هو رفيق رحلة أو صديق أو قريب أو أحد المعارف صادف وجوده معك في الرحلة نفسها. وكما للحوار آدابه في كل حين، فلحوار المسافرين آدابه أيضا. ولا تتوقع أن يلتزم الجميع بهذه الآداب، فليس الناس سواء في سلوكهم وثقافتهم وظروفهم أثناء السفر.
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
بالعافية: مطاعم شعبية في الهواء الطلق في سنغافورة مخصصة للمواطنين، ولكن يقبل عليها بعض السياح والزوار لقرب هذه الساحة من الفنادق الكبيرة في وسط المدينة (تصوير: ابن بطوطة)

* اكتشاف الطعام الجديد لون من مغامرات السفر التي يحلو لبعض الناس تجربتها. ومن ليس مرنا في هذا الشأن بحكم الذائقة أو طبيعة المعدة أو عادات الأكل اليومية، فربما قطعة عذابه من السفر ستكون في المائدة التي أمامه أو في الصحن الذي بين يديه. فكم من مسافر اشتهى ثم اشتكى! وكم من مسافر اشتكى ثم اشتهى!

Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
تسوق: هذا المكان مألوف للمسافرين بكثرة.. السوق الحرة في مطار دبي حيث التسوق والشراء لحاجة أو دون حاجة (تصوير: ابن بطوطة)

* التسوق أصبح من لوازم السفر، إما بحكم الحاجة لشراء ما تحتاجه في سفرك، أو من باب الإهداء، أو من باب الاستهلاك لمجرد الاستهلاك وهو لون من ألوان الإسراف، وليس الاستهلاك هنا سوى هلاك. ولن تهنأ في سفرك بالتسوق إلا إذا توافرت لديك هذه العوامل: القدرة المالية الذاتية وليس بالاقتراض والاستدانة. البضاعة الجيدة مع السعر المناسب. الحاجة أو الرغبة الحقيقية، لا الشراء لمجرد الشراء أو لمجرد التفاخر أو تقليد الآخرين. بيئة التسوق المريحة. نظام وشروط وتعليمات البيع والشراء، فمن حقك كمشترِ أن تحصل على معلومات كافية من البائع قبل دفع المبلغ، ففي دول ومدن ومحلات لا مجال إطلاقا للمفاصلة فالأسعار أكثر من ثابتة، بينما أحيانا يمكن المفاصلة في السعر لدرجة لا تتخيلها. وهناك مثلا إمكانية استرداد قيمة الضرائب قبل مغادرة المطار، وفق إجراءات معينة، عند إثباتك مغادرتك البلد فعلا، لأنها ضرائب مفروضة على المواطن والمقيم في ذلك البلد وليس على الزائر أو السائح.
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
تذكارات: أكشاك بيع التذكارات في أحد شوارع لندن وفيها هدايا ومواد تذكارية متنوعة، ويلاحظ فيها الدلالة الرمزية للبلد، وهي من عناصر الجذب في الدول السياحية العريقة التي تتميز بانطباع رمزي حي وصورة ذهنية (image) واضحة وقوية عنها لدى الآخرين (تصوير: ابن بطوطة)
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
ملامح المدن الصينية تتغير باستمرار لسرعة دوران البناء والعمران فيها على مدار العام - اللقطة لبيجين عند الشروق (تصوير: ابن بطوطة)









لم أتوقع أن انقطع عن هذه السلسلة شهرين كاملين، مع أن الانقطاع لم يكن تاما بفضل الفاصل المصور الذي قدمت فيه مَشاهِدَ ورؤى تنبض بروح الصين وحياة الصينيين. وللأمانة، لست أدري متى ستتوقف هذه السلسلة، بهذا العنوان، لأني أكتب من عفو الخاطر، ولكن بما تسعف به الذاكرة وما استقر فيها من انطباعات ومشاهد وأفكار ومواقف ومعلومات. وفي البال الآن أن أكمل ما بدأت به من خلاصات واستنتاجات وملاحظات في إطار هذه السلسلة التي ربما تنتهي بهذا الجزء، وربما يليها جزء آخر أو أكثر. ثم أخصص مساحات منفصلة لكل مدينة من المدن الصينية التي زرتها، حديثا وقديما. وسيكون حديث المدن متقطعا، لتتخلله كتابات عن بلدان وشعوب أخرى طال الأمد دون تناولها. فمنذ البداية وأنا متحمس لأكتب لكم عن مدن عربية وآسيوية (غير الصين) وأوربية وأمريكية، ولكن رحلات الصين الأخيرة ألحت عليّ الكتابة من وحيها. ويبدو أنني سأعد من الآن قائمة بالموضوعات القادمة حتى تكون الكتابة منظمة ومعدة جيدا، قدر الإمكان، بما يليق باهتمامكم ومتابعتكم.

** ** **

*
"رغم إعجابي بالأسلوب الأمريكي فإني أتوقف عند التجربة الصينية بإعجاب أكثر لأنها تجربة قريبة لنا، ويمكن أن تلهمنا. الشعب الصيني لا يمشي مثلنا ببطء، إنه يقطع الخطوة في ألف خطوة، شيء عجيب جدا!" هذا ما قاله مؤخرا محمد علي العبار رئيس شركة إعمار العقارية الإماراتية الضخمة التي تقدر أصولها وقيمة مشاريعها في كثير من دول العالم بمئات المليارات من الدولارات. وهذا الإعجاب تقرؤه وتسمعه عن الصين باستمرار. وحين تزور الصين وتشاهد مظاهر البناء والتطور فيها لا تملك إلا الخروج بمثل هذا الانطباع المدهش. الصين تبني الآن نموذجها الخاص في الحضارة العصرية. وصارت دول العالم، ومن بينها الدول العربية، تخطب ودها للتعلم منها والاستفادة من تجربتها الثرية.

التقيت في زيارة سابقة للصين بمراسلة وكالة رويترز العالمية للأنباء في بيجين، ودار بيننا حوار الحريات العامة في الصين، فقالت بالرغم من انفتاح الصين على العالم وانفتاحها على الأجانب المقيمين فيها والزائرين لها، إلا أن هناك قيودا على الحريات، واستشهدت بمراقبة تحركات المراسلين الأجانب على أرضها، وأنهم مجبرون على السكن في مجمع واحد يخضع لمراقبة السلطات الصينية. كان هذا الكلام في شتاء 2006. أثناء زيارتي الأخيرة في ربيع 2007 جلست في بيجين مع مجموعة من الصحافيين والصحافيات الصينيين، كنت قد تعرفت على بعضهم أثناء زيارة سابقة لي إلى بيجين، ثم تجدد اللقاء بيننا عندما زاروا الرياض العام الماضي. لاحظت أثناء الحديث معهم هذه المرة أنهم يتحدثون بحرية عن أوضاع الصين، هذا رغم عدم المعرفة المسبقة بين بعض منهم. وبعد العشاء في أحد المطاعم اصطحبني أحد هؤلاء الصحافيين في طريق عودتي للفندق مشيا على الأقدام، وطوال الطريق كنا نتحدث عن مسألة الحريات العامة وحرية الصحافيين الأجانب في الصين، وتعمدت أن أثير هذا الموضوع ونحن في مكان عام، فوجدت الرجل يتحدث بثقة وهدوء، ودون أن يتلفت يمنة ويسرة أو يتأكد ممن حوله قبل أن يجيبني. استفسرت منه عما قالته تلك المراسلة الأجنبية قبل أكثر من عام، فقال لي إن الصحافيين الأجانب يتمتعون الآن بحرية الحركة والتنقل، ويختارون المسكن الذي يروق لهم، والأهم من هذا أنهم يعملون بحرية أكبر من السابق. ولم يستنّ لي الاتصال بالمراسلة الأجنبية للتأكد من صحة كلام الصحافي الصيني، ولكن المناخ العام الذي لاحظته أثناء وجودي في الصين يجعلني ميالا لتصديق الصحافي الصيني. كما أن عامة المواطنين بمن فيهم الموظفون وسائقو سيارات الأجرة يتحدثون بحرية، وينتقدون الحكومة أحيانا. طبعا هذه الانتقادات لا تظهر في العلن في وسائل الإعلام التي يسيطر عليها الحزب الشيوعي الحاكم وسلطات الحكومة، لكن الشعب بدأ يحس بحريته في التعبير وأخذ يمارسها حتى في الأماكن العامة. أما في وسائل الإعلام فهناك درجة من الحرية المقننة، أتوقع أن تزداد بمرور الأيام.

*
هناك إرادة قوية لتطوير المجتمع الصيني وضبط السلوك الاجتماعي العام. مثلا، هناك عادة البصق في الشوارع والأماكن العامة وهي عادة ذميمة ولكنها كانت منتشرة بكثرة في السنوات الماضية. الآن لا يمكن أن تجد أحدا يبصق في الأماكن العامة. وقس على ذلك النظافة العامة، فالأرصفة والشوارع والأسواق والمطارات نظيفة بشكل ملاحظ. طبعا الوضع يختلف في الأحياء الفقيرة والمدن الأقل نموا، ولكن السلوك العام والوعي العام تطور بدرجة ملحوظة. وتستغل السلطات الأحداث الدولية الكبرى المقامة على أرضها لتهذيب سلوك مواطنيها وإظهارهم بمظهر متحضر أمام الزوار الأجانب. وهذا ما تفعله هذه الأيام، بل منذ فترة، استعدادا لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية في بيجين وبعض المدن الأخرى بعد عام من الآن. ومن بين هذه الخطوات توعية سائقي سيارات الأجرة وتعليمهم اللغة الإنجليزية.

احتلت الصين المرتبة الثالثة عالميا بعد اليابان والولايات المتحدة الأمريكية في عدد طلبات براءة الاختراع، ووفقا للمنظمة العالمية للملكية الفكرية التابعة للأمم المتحدة فقد ارتفع عدد طلبات تسجيل براءات الاختراع المقدمة من الصين سنويا بمقدار الثلث في عام 2005، مما يعكس قوتها المتنامية في مجال التكنولوجيا والابتكار. وسعت الحكومة الصينية إلى تشجيع الشركات على زيادة الاستثمارات في مجالي البحث والتطوير بهدف زيادة هامش الأرباح والحفاظ على النمو الاقتصادي. غير أن التحدي الذي يواجه الصين من الجانب الآخر يتمثل في معاناتها من أسوأ حالة هجرة أدمغة في العالم، حيث إن ثلثي الطلاب الصينيين الذين أوفدوا للدراسة في الخارج منذ الثمانينيات لم يعودوا إلى البلاد، فمن بين مئة ألف طالب غادروا الصين للدراسة منذ عام 2002 لم يعد إلى الوطن سوى 20 إلى 30 ألفا. لكن الحكومة الصينية تعول على الازدهار الاقتصادي المتنامي والانفتاح النسبي المتدرج فضلا عن الرواتب المغرية التي بدأت الشركات الصينية تدفعها للكفاءات العالية في جذب العقول المهاجرة وعودتها إلى الوطن.

*
من التحديات الكبرى التي تواجهها الصين قضايا التلوث البيئي، فليس من الصعب حين تزور أي مدينة صينية أن تلاحظ مظاهر التلوث في كل مكان، بدءا بالهواء وامتدادا إلى أمور أخرى كتكدس النفايات وخاصة مخلفات المصانع والإنشاءات نظرا للتطور الصناعي والعمراني الهائل الذي تشهده البلاد. ففي العاصمة بيجين وحدها صرفت الحكومة المليارات في محاولة منها لتخفيض نسب التلوث لكن دون نجاح، فقد تم إغلاق عدد من المصانع بينما تم نقل عدد آخر إلى خارج العاصمة، لكن أعمال البناء التي لا تتوقف ومبيعات السيارات الضخمة جعلت نوعية الهواء رديئة للغاية. وزاد الطينة بلة ما أعلنه مؤخرا رئيس اللجنة الأولمبية الدولية من احتمال تأجيل بعض الألعاب في دورة بيجين 2008 نظرا لتلوث الهواء.

Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
مسجد المنارة في قوانتشو (كانتون) بجنوب الصين، أقدم مساجد الصين على الإطلاق، ويلاحظ اختلاف تصميمه عن مساجد بيجين التي نشرنا ملامح عنها في موضوع سابق (تصوير: ابن بطوطة)
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
مئذنة مسجد المنارة وقد اشتهر هذا المسجد التاريخي منذ إنشائه قبل قرون بهذه المئذنة البديعة (تصوير: ابن بطوطة)
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
الطرق السريعة المنتشرة في أراضي الصين من أبرز مظاهر التنمية فيها وهي التي ربطت أقاليم لبلاد ببعضها بعضا، وتستخدم الرسوم المحصلة من السيارات والشاحنات والباصات العابرة لهذه الطرق في صيانتها (تصوير: ابن بطوطة)
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
مطاعم ماكدونالدز الأمريكية، أحد رموز الرأسمالية، منتشرة بكثرة في مدن الصين ذات النظام الشيوعي - الصورة من قوانتشو (تصوير: ابن بطوطة)
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
عمال النظافة منتشرون في الحدائق والأماكن العامة، وقد حقق الصينيون نقلة حضارية بانضباطهم في النظافة العامة - اللقطة من مدينة هانغتشو (تصوير: ابن بطوطة)
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
الأشجار الوارفة من خصائص مدن الصين الكبرى ولكنها لا تكفي للحد من التلوث الهائل التي تعاني منها - الصورة لأحد شوارع قوانتشو (تصوير: ابن بطوطة)
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
بوابة جمالية داخل مجمع قصر الضيافة في بيجين والمبني على الطراز الإمبراطوري العريق (تصوير: ابن بطوطة)
من الخلاصات التي عدت بها من الصين أن العالم مشغول بالصين بينما الصين مشغولة بنفسها، وهو منتهى الحكمة. ومن يشك في حكمة الصينيين فقد جانبه الصواب كثيرا. فالأمم العظيمة معروفة بموروثاتها، فالعرب والمسلمون أورثوا العلم، والهنود أورثوا الفلسفة، والصينيون أورثوا الحكمة. وكتب عظماء الصين ككونفوشيوس ولاوتزو وسون تزو وغيرهم خير شاهد على الحكمة الصينية.

حدثنا الصينيون في بيجين عن نظامهم السياسي، وكيف أنهم كيّفوا الشيوعية لخدمة مصالحهم حتى أبهرت مهارتهم في ذلك عتاة الرأسماليين. وقالوا لنا بصريح العبارة أن همنا ليس ريادة العالم ولا منازعة الآخرين في القيادة الكونية، بل همنا الأول والأخير التنمية الشاملة والمتوازنة، وإصلاح عيوبنا السياسية والاقتصادية على مدى العقود الماضية، مستحضرين دوما وأبدا أن داخل حدودهم خُمس سكان العالم، وهذا وحده سبب كاف للانشغال بالتنمية.

وفي هانغتشو (جنوب شرق الصين) حدثونا عن الازدهار الاقتصادي والسياحي، وهي عاصمة مقاطعة تشاجانغ الأكثر اكتظاظا بالسكان حيث بها أعلى نسبة كثافة سكانية في الصين، وفيها أعلى معدل نمو اقتصادي على مستوى الصين، كما أنها من محطات السياحة الرئيسية لما تتنعم به من مباهج الجمال وروائع الطبيعة. وهذا يدحض النظريات القاصرة التي تزعم أن الكثافة السكانية العالية يمكن أن تسبب الفقر والبطالة والجريمة.. وليس آخرا الإرهاب. ونسي أصحاب تلك النظريات أو تناسوا أن المسألة تكمن في حسن الإدارة وحنكة القيادة. ونظرة سريعة على شعوب العالم العربي والإسلامي الأكثر سكانا تفصح عن واقعها البائس - مع كل الأسف.

وفي شنغهاي، عروس الصين المتجددة الشباب رغم كهولتها، حدثونا عن مستقبل المدينة / المقاطعة وخططها العمرانية والتنموية حتى عام 2020، حيث خصصوا لهذه الخطة مبنى عصريا متكاملا أسموه "معرض التخطيط الحضري لشنغهاي". وهذا الأفق المستقبلي المدروس بعناية لم ينسوهم ماضي المدينة الذي يمكن أن يلخص تاريخ الصين الحديث، فبنوا أسفل برج التلفزيون الشاهق متحفا لتاريخ المدينة، إذا دخلته فكأنك دخلت شنغهاي القديمة وجبت شوارعها قبل خمسين أو سبعين سنة، فالمجسمات البالغة العناية في التصميم والتنفيذ تشعرك بمحاكاة التاريخ ومعايشته.

لقد حدثنا الصينيون كثيرا على مدى أسبوعين، بكلامهم وإنجازاتهم وخططهم، وطبعا بثقافتهم وسلوكهم وتعاملهم أيضا. وبدورنا استمعنا إليهم بجوارحنا كلها وليس بأسماعنا فقط، وتفاعلنا مع ما شاهدنا وسمعنا، وتحاورنا معهم..

ولدينا مزيد..

ابن بطوطة
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
فندق بيجين أحد أقدم وأعرق فنادق العاصمة الصينية ويقع في شارع تشانغ آن الرئيسي على مقربة من ساحة تيان أن من (تصوير: ابن بطوطة)
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
مطاعم الوجبات السريعة الأمريكية من أبرز مظاهر الانفتاح في المجتمع الصيني (تصوير: ابن بطوطة)
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
هانغتشو (جنوب شرق الصين) مدينة الجمال والخضرة الدائمة والنشاط الاقتصادي الوفير (تصوير: ابن بطوطة)
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
شنغهاي وجه الصين الحضاري والاقتصادي المتألق (تصوير: ابن بطوطة)
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
(السلام السماوي) في صورة التقطتها الشتاء الماضي ويظهر العلم السعودي بمناسبة زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لبيجين (تصوير: ابن بطوطة)









جولتي في ثلاث مدن صينية على مدى أسبوعين كاملين بدأت ببيجين (بكين) العاصمة، وانتهت أمس في شنغهاي المدينة الثانية، وكانت واسطة العقد هانغتشو التي وصفها الرحالة الشهير ماركوبولو بأنها جنة الله في الأرض!

كانت جولة فريدة في نوعها، فلم تكن للسياحة، ولا لطلب العلم والمعرفة، ولا لمقابلة السياسيين والاقتصاديين والصحافيين لمعرفة أحوال البلاد ومناقشة قضاياها، ولا للتسوق، بل كانت مزيجا من ذلك كله.

وجانب الفرادة الآخر أن الجولة خصصت لممثلي 18 دولة عربية هم مسؤولو جمعيات الصداقة بين الصين ودول العالم العربي، فكان ملتقى عربيا وليس ملتقى عربيا - صينيا فحسب. فكل يوم وكل ساعة نتحاور بلهجات العالم العربي كلها، السعودية والخليجية والأردنية والسودانية والسورية والعراقية والفلسطينية واللبنانية والمصرية والمغاربية واليمنية، بل وحتى القمرية (نسبة لجزر القمر - وبالمناسبة جزر القمر هي أحدث الدول المنضمة للجامعة العربية، وهذه معلومة لمن لا يعرفها) فضلا عن الحديث بالفصحى في أحيان كثيرة حتى يفهمنا الصينيون الذين يجيدون العربية. ومن خلال هذه اللجهات المتداولة كنا نتعارف ونتعرف على أحوالنا العربية، وكنا نتندر فيما بيننا أن الصينيين استطاعوا تحقيق شيء من الوحدة العربية، ولو بشكل رمزي، حين جمعوا ممثلي الدول العربية في ربوعهم على مدى أسبوعين كاملين.

وزاد الأمر جمالا وطرافة أن ممثلي أربع دول (السعودية وتونس والمغرب واليمن) يتحدثون الصينية بطلاقة، فأحدهم تعلمها في الصغر، والعلم في الصغر كالنقش على الحجر، واثنان منهم تعلماها في بيجين أثناء دراستهما الطب الصيني (التقليدي)، ورابعهم تعلمها في شنغهاي أثناء دراسته الهندسة الميكانيكية فيها.

من نافلة القول أن الكتابة عن جولة ممتدة كهذه، زمانيا ومكانيا وموضوعيا، تحتاج لحلقات وحلقات. وما دمت اليوم على أطراف الصين (في هونج كونج) قبل شد الرحال في رحلة العودة للوطن، سأكتفي بـ(موجز الأنباء) أي بلمحات وخلاصات من وحي ربوع الصين التي لا أزال في رحابها حتى الغد. على وعد بتناولات أشمل وأعمق في مقبل الأيام.

* عجلة البناء في الصين تدور بلا توقف ولا هوادة، فكل شيء فيها يتطور وينمو. والمواطن العادي أصبح ينعم بشيء من الرخاء والازدهار، ومعظم الصينيين ينعمون بالحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم. فالسيارات الشخصية أصبحت تتكاثر وصارت رمزا مهما لرغد العيش، والملابس الجيدة ناهيك عن الراقية أصبحت قاسما مشتركا بين غالبية الشعب، وانحسر إلى حد بعيد جدا ذلك المظهر البائس الذي عُرِفَ عنه الصيني في الداخل والخارج منذ سنوات خلت.

على الرغم مما نسمعه خارج الصين من تنامي القوة الصينية واستعدادها التدريجي لتبوؤ مكانها كقوة عالمية، يحرص ساسة الصين وخبراؤها الدوليون على التأكيد بأنها منشغلة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، وأنها أولى الأولويات، وأن نموها الاقتصادي وعلاقاتها الدولية مسخرة لخدمة التنمية وتحقيق الرخاء للمواطن. ولا ننسى أن كلمة "مواطن" هنا تعني مليارا و400 مليون نسمة، وهو خمس عدد سكان كوكب الأرض. هل هناك صينيون في كواكب أخرى؟ الله أعلم.

* لم نسمع في لقاءاتنا مع الصينيين دعاية سياسية عن الحزب أو الحكومة أو البلاد عموما، بل سمعنا حقائق ومعلومات موضوعية، وسمعنا لغة جديدة، وهي النقد الموضوعي لأحوال الصين. فهم يقولون إن التجربة الصينية لا تخلو من أخطاء، وأن النمو الاقتصادي السريع جلب لهم مشكلات اجتماعية وسلوكية يعملون جاهدين على احتوائها ومعالجتها قدر الإمكان. بل سمعت أيضا من أحد الصحافيين الصينيين الأصدقاء نقدا صريحا للتاريخ السياسي المعاصر للصين، بما في ذلك تاريخ الحزب الشيوعي الحاكم.

ليس سرا أن الأبحاث والدراسات هي أحد مقومات البناء والتقدم في الصين، ولديهم انفتاح تام على العالم لأخذ كل جديد ومفيد. وحتى في المجالين السياسي والاقتصادي هناك عمل فكري واستشاري جبار لإدارة النمو والتطور في المدن والأقاليم البعيدة.

* من خلال مشاهدات مقارنة على مدى زياراتي السابقة للصين، هناك تحسن وتقدم في النظافة العامة وحماية البيئة والإعلام والسلوك العام والتطبيقات الإلكترونية والمواصلات، وخاصة المطارات التي أصبحت على أعلى المستويات العالمية.

الشخصية الصينية بحاجة إلى فهم وتفهم من الآخر الذي يزور الصين ويريد التعامل مع الصيني. نحن دائما نحكم على الآخرين من خلال عقليتنا ومفاهيمنا وتجاربنا وليس من خلال فهم الآخر. وهذا يستحق استطرادا وتفصيلا ليس هنا محله، ولعلي أعود إليه لاحقا.

* تجنبت - عمدا - الحديث عن التقدم الاقتصادي والنمو التجاري للصين، فهو مطروق باستمرار في وسائل الإعلام ومصادر المعلومات، وقد أتناوله يوما ما من منظور تجاربي الشخصية في التسوق وزيارة بعض مواقع التخطيط والإنتاج.

وللحديث بقايا وبقايا. فإلى لقاء، بل لقاءات.

ابن بطوطة
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
أحد شوارع بيجين التي تمتاز باتساعها (تصوير: ابن بطوطة)
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
تطاول البنيان وتسابق العمران ظاهرة تشترك فيها مدن الصين بلا استثناء (تصوير: ابن بطوطة)
هونج كونج ليلا

تحدثت عن روتردام في الموضوع السابق. والآن أكمل بالقصة الأخرى.

وعلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية، وقريبا من ميناء هونج كونج، وهي أحد أكبر موانئ آسيا، حدث لي موقف يستحق أن يروى ما دمنا نتناول وسائل السفر.

وصلت إلى هونج كونج ذات ليلة متأخرا عن الوقت المخطط له بيوم ونصف تقريبا، بعد أن تقطعت بي السبل في مطار دبي بسبب إضراب عمال المراقبة الجوية في الهند التي تمر في أجوائها الرحلات المسافرة بين منطقتي الخليج العربي والشرق الأقصى. ترتب على ذلك إلغاء حجزي الفندقي في هونج كونج، فما إن وصلت إلى المطار وقصدت مكتب حجز الفنادق حتى أخبرني الموظف بأن فنادق المدينة كلها غير متاحة، ولكن هناك غرفا شاغرة في فندق على جزيرة والوصول إليها يتطلب ركوب عبّارة. طبعا قصدت المبيت في هونج كونج للراحة لأكمل رحلتي في اليوم التالي إلى قوانزو (كانتون) بالصين. لم يكن أمامي خيار آخر، فأوصلني تاكسي المطار إلى مرفأ العبّارة. اشتريت التذكرة وأخذت أنتظر مع عدد قليل من الركاب حتى وصلت العبّارة، فركبتها مع الآخرين. والعبارة فسيحة تستوعب نحو أربعين شخصا، ولكنها غير مريحة، فمقاعدها خشبية، ويعلوها غطاء شراعي، وحين تتحرك العبّارة يلفك نسيم (أو هواء) البحر من كل مكان لأنها مفتوحة الجوانب. ابتعدت العبّارة عن المرفأ شيئا فشيئا، وأخذت أضواء المدينة تنسحب رويدا رويدا، وفي الاتجاه الآخر هناك نقط مضيئة بعيدة في الظلام لا بد أن إحداها وجهتي المقصودة. وبعد استمتاع لم يدم طويلا بمنظر هونج كونج الليلي بناطحات السحاب ولوحات النيون الملونة العملاقة، ساورني شيء من القلق مع إحكام الظلام قبضته حول العبّارة التي تشق طريقها وئيدا مع ضوء خفيف في المكان الذي يجلس فيه الركاب. بعد دقائق مرت كالساعات لاحت نقطة الضوء البعيدة أكثر فأكثر حتى اتضحت أضواء شاحبة في الجزيرة التي اقتربنا منها. وحلت بي الصدمة حين نزلت من العبّارة واتصلت برقم الفندق الذي أخذته من المطار فاتضح لي أنني نزلت في جزيرة أخرى بالخطأ! أدركت حينئذ أنني نطقت اسم الجزيرة خطأً حين اشتريت التذكرة، فصعدت العبّارة الخطأ. وما كان أوله خطأ فآخره خطأ! إنه مبدأ بسيط يعرفه حتى محدودو الثقافة والتعليم، ولكن حين يحلّ بك موقف كهذا لا تنفع المبادئ ولا الدروس. لكنها تنفع لاحقا وقت استخلاص الدروس والعبر.

اضطررت للانتظار نحو ساعة حتى عادت العبّارة، ومن حسن الحظ أن الوقت لم يتأخر كثيرا، وإلا كنت سأضطر للمبيت في هذه الجزيرة المجهولة (بالنسبة لي على الأقل) إذا مضى وقت الرحلات المكوكية التي تتوقف قبل منتصف الليل لتعود العبّارة للحركة في الصباح التالي.

عدت بالطبع للمرفأ لشراء تذكرة جديدة إلى الجزيرة التي يقع فيها الفندق، ثم انتظرت مرة أخرى ولكن لوقت أقل، ثم ركبت عبّارة أخرى في رحلة مماثلة عبر الظلام إلى جزيرة "الأحلام"، ويبدو أنها جزيرة أكبر من السابقة، حيث صعد إليها مسافرون أكثر، من بينهم شخص بريطاني جلس قريبا مني، وفهمت من خلال حديثه مع زميله أنه يعمل في مجال المسرح وهو عائد للجزيرة حيث يسكن بعد انقضاء يوم عمله في هونج كونج. أما سكنه في الجزيرة فسببه بالتأكيد لرخص التكلفة مقارنة بهونج كونج المعروفة بغلائها الفاحش.

لم تنته قصتي مع وسيلة النقل بوصولي إلى الجزيرة ونزولي من العبّارة. كانت معي حقيبة ملابس كبيرة حيث كنت في رحلة عمل لأسبوعين تستوجب مني حمل أغراض أكثر من المعتاد، فكيف لي أن أحملها إلى الفندق وأنا أجهل عنوانه؟ موظف الفندق أخبرني خلال مكالمة سابقة أن علي الاتصال به من هاتف عام فور وصولي للجزيرة حتى يرسل لي من يرافقني للفندق، وهذا ما كان. ولكن الطريف أن مندوب الفندق حضر ومعه عربة ذات عجلتين يدفعها للأمام، وضعت متاعي في العربة ومشيت خلفه لنحو عشر دقائق حتى وصلت – أخيرا – للفندق شبه الخالي.

لعلكم استنتجتم الآن أن الجزيرة حيث مبيتي هي من الصغر بحيث لا توجد فيها وسائل نقل سوى المشي على الأقدام وتلك العربات اليدوية ذات العجلتين لحمل الأمتعة. وهذه وسيلة نقل/ سفر جديدة لم أجربها من قبل!

في ضحى اليوم التالي اصطحبتني العربة إياها، مرة أخرى، في طريقي من الفندق إلى العبّارة. هذه المرة كان المشوار مختلفا، حيث مررت بسوق الجزيرة وكان نشطا على الرغم من قلة السكان، وأمكن لي رؤية ما لم أره في الليلة الفائتة لتأخر الوقت. وفي رحلة العودة البحرية كان المشهد والمزاج مختلفا عن الليلة السابقة، فمعالم هونج كونج وناطحاتها أمامي على البعد، وضوء النهار وزرقة البحر بددت وحشة التجربة الليلية المرهقة الفريدة.



في القطار بين فرانكفورت وبون

فبراير 28th, 2007 كتبها * ابن بطوطة * نشر في , ألمانيا, رحلات, سفر, مدن, يوميات, 4 تعليق » ,



هذه رحلة مع وسائل السفر، أو بعضها في حدود ما جربت، أكتبها على دفعات بدءا بهذا الموضوع، وسيليه موضوع آخر، أو أكثر.

في عالمنا العربي يشيع استخدام السيارات والحافلات والطائرات، لذا سأتجاوزها إلى القطارات وهي الأقل شيوعا في معظم بلداننا العربية، وإن وجدت فمستواها أقل من وسائط النقل الجوي والبري أي السيارات والباصات.

كان تجربتي الأولى مع القطارات في النمسا، وكانت المشكلة الأولى التي تواجهني عند ارتياد المحطات أن جميع اللوحات الإرشادية باللغة الألمانية التي لا أفهمها، فكان يجب عليّ أن أتذكر شكل الكلمات وحروفها – وبعض الكلمات مقاربة للكلمات الإنجليزية – لأهتدي لأسماء المدن والقرى التي أمر عليها أو أتوقف عندها. هذا مع الاستعانة طبعا بسؤال الناس كلما دعت الحاجة، وهذه طريقة لا غنى عنها خاصة في الدول التي لا تعرفها جيدا أو لا تعرفها أصلا.

وفي تجربة أخرى داخل القطار الألماني، كنت متجها من فرانكفورت إلى بون القريبة من كولون، وكانت الرحلة تربو على الساعة على ما أذكر. فور نزولي من الطائرة واستلام الحقائب أخذت القطار من المحطة التي تقع في الطابق تحت الأرضي لمطار فرانكفورت الدولي، كانت الرحلة صباحية، وأخذت مقعدا قريبا من الباب في إحدى العربات وكانت شبه مملوءة. عنّ لي السؤال عن أمر ما فأخذت أسأل "الكمسارية" (عاملة التذاكر) التي تجوب بين الركاب، ولكنها لا تفهم الإنجليزية، وفهمت من كلامها الألماني ما يشبه الاعتذار لي. في هذه اللحظة وقف راكب ألماني طويل القامة على بعد صفين أو ثلاثة مني والتفت إلي مبديا تطوعه بالترجمة وهو يوجه كلامه للفتاة بالألمانية. وبعد أن قام بدور المترجم اتجه ناحية الباب حيث أجلس وحياني قائلا لي بأنه سيذهب إلى مطعم القطار للإفطار وأنه يرغب في الحديث معي حين يعود، فرحبتّ به. وبعد أن عاد سألني بشيء من الدهشة، أنت تتكلم الإنجليزية بينما تقرأ في صحيفة عربية وشكلك لا يدل على أنك عربي. قلت له إن استنتاجه صحيح، وأنا أتكلم وأقرأ بالعربية. ففاجأني حين قال إنه يتحدث العربية أيضا! ثم اتضح لي أنه رئيس قسم الترجمة في السفارة الألمانية بالرياض، أي أنه من نفس مدينتي، ومع ذلك لم يُكتب لنا اللقاء إلا في القطار على هذه الرحلة بين مدينتين.

وعلى امتداد المسافة والوقت بين فرانكفورت وبون - حين كانت العاصمة - دار بيننا حديث بالعربية، وقد كان هو بصدد الالتحاق بدورة في وزارة الخارجية الألمانية بينما كنت في رحلة عمل إلى بون وكولون.

لاحقا وفي الرياض تكررت لقاءات متباعدة بيني وبين هذا الألماني لبضع سنين، إلى أن عاد إلى بلده بعد انتهاء مهمته في السفارة. ثم جمعت بيننا صدفة أخرى، في رحلة أخرى لي، حيث قابلته على عجل في بهو فندق شيراتون دمشق، وكان يومها مرافقا لوفد رسمي.



من نيبال إلى أوكسفورد: حوار مع آن
Uploaded with Avramovic Web Solutions ImageShack Hotspot
محطة الباصات بجوار مطار هيثرو حيث تشير الساعة إلى 07:50 صباحا
أثناء رحلتي الأخيرة إلى إنجلترا قابلت في محطة الحافلات بجوار مطار هيثرو القريب من لندن سيدة نحيلة وصغيرة الجسم، هادئة، تبدو في صحة جيدة رغم تقدمها في العمر. كنا بانتظار الحافلة التي ستأخذنا إلى أوكسفورد. قادتها الصدفة إلى حيث أجلس على مقاعد الانتظار في صباح بارد، سألتني إن كان بإمكاني الانتباه لأغراضها ريثما تذهب لشراء صحيفة، رحبت بمساعدتها بكل سرور. لم تغب طويلا حتى عادت بالصحيفة وهي تقول: لم أقرأ صحيفتي المفضلة منذ شهر وكنت حريصة على شرائها قبل صعود الحافلة. وقبل أن أفكر في أي تعليق على كلامها أكملت موضحة لي أنها كانت على سفر وعادت إلى الوطن للتو.. كانت في نيبال. لم يدهشني كثيرا ذكر هذا البلد النائي على قلة الناس الذين يسافرون إليها، فللناس في ما يسافرون مذاهب

ولكن ما لم أتوقعه إن هذه هي رحلتها الخامسة إلى نيبال، وهي تسافر إلى هناك بانتظام منذ تقاعدها. وهل كنت وحيدة في رحلتك؟ سألتها فأجابتني بأن رفيقيها في السفر عادا معها ولكنهم تفرقوا في هذه المحطة بعد وصولهم، كلا إلى حال سبيله

صعدنا إلى الحافلة واستأذنتها في الجلوس بجانبها، لقد أثار حديثها فضولي وأحببت أن أسمع المزيد منها، إذ يبدو أنها صاحبة تجارب في السفر والحياة. جلست بقربها لسبب آخر؛ إنها زيارتي الأولى لأوكسفورد وربما أحتاج لبعض المعلومات منها. مم تقاعدت؟ قالت لي إنها كانت معلمة، وهي الآن تأخذ بعضا من راتبها التقاعدي لتتبرع به لمدارس في نيبال تقوم هي برعايتها

أدركت من حديثها أن رحلاتها المتعددة إلى نيبال ومعايشتها للناس هناك كوّن لديها خلفية جيدة عنهم وعن عاداتهم . قالت إنهم لطفاء ويحبون الأجانب وخاصة السياح، وهم منفتحون على الأجانب لتعودهم على السياح. ذكرني حديثها بما أعرفه عن حليب الزبدة الذي يتناوله الناس في نيبال، سألتني كيف عرفت ذلك، قلت لها من أحد الأفلام (سبع سنوات في التبت Seven Years in Tibet)

هذه المرأة العجوز التي لا يبدو عليها كثيرا آثار الزمن تعيش وحيدة لأنها لم تتزوج قط. فكيف تقضي وقتها؟ قالت لي إنها مشغولة بالسفر إلى نيبال شهرا في العام، وتتعاون مع المدارس في منطقتها التي تقطن فيها أثناء مواسم الاختبارات شهرين في العام، والتسعة أشهر الباقية من السنة تتسلى فيها بالاعتناء بزهور حديقة المنزل

لا بد أن القراءة، قراءة الكتب وليست الصحف اليومية، تشغل جزءا من وقتها، هكذا أخمن لأني لم أسألها عن قراءاتها، ولكني سألتها إن كانت تكتب مذكرات أو ملاحظات عن مشاهداتها وتجاربها في السفر، فخيبت ظني عندما أجابت بلا! كيف يمكن لتجربة جميلة كهذه التي تمر بها هذه المخلوقة اللطيفة وبإرادتها التي تقوى مع مرور الأيام، وليس العكس، أن تطوى بانقضاء السنين دون أن يطلع عليها الآخرون ويستفيدوا منها؟

مر بنا الوقت نحو ساعة والحافلة تأخذنا إلى المحطة الأخيرة في وسط أوكسفورد، في حي غلوستر غرين. نزلنا من الحافلة والثلج الصباحي يهطل كرذاذ ناعم لا يكاد يُلمس. أصرت أن تصحبني إلى مكتب الاستعلامات بهذه المحطة لأعرف مواعيد رحلات الحافلات اليومية حتى أتمكن من العودة إلى هنا في الوقت المناسب حين أقصد وجهتي التالية بعد أوكسفورد، وبعد خروجنا من المكتب أصرت بلباقة على أن تصحبني إلى حيث مكان انتظار سيارات الأجرة (التاكسي) لأذهب إلى الفندق الذي حجزت فيه لأستريح. بعد أن شكرتها وودعتها توجهت هي نحو اتجاه آخر لتلحق بحافلة أخرى تقلها إلى حيث تسكن في إحدى القرى القريبة من أوكسفورد

مضت آن - وهذا اسمها - إلى حال سبيلها، بينما مكثت في الطريق إلى الفندق أفكر في عزيمة هذه السيدة المتقاعدة واهتمامها بوقتها وشغفها بشغل فراغها على نحو أخاذ

ابن بطوطة


سافر لسبع فوائد.. أو أكثر

أبريل 9th, 2006 كتبها * ابن بطوطة * نشر في , بريطانيا, رحلات, سفر, مدن, مشاهدات, 12 تعليق » ,



قال الشاعر يوما "سافر ففي السفر سبع فوائد" وعدّد تلك الفوائد، ولكني لا أذكرها كلها الآن، وربّ قارئ يملك ذاكرة أفضل مني يسعفني بشطر البيت الثاني والبيت الذي يليه

وإذا رأى شاعرنا القديم قبل مئات السنين في السفر سبع فوائد فقط ، فقد تكون اليوم سبع عشرة فائدة وربما سبعين بعد ثورة الاتصالات وتطور وسائل النقل والمواصلات التي أمكنت لنا دوران العالم في يوم وليلة بدلا من ثمانين يوما كما في القصة المشهورة

والواقع أن عدد الفوائد يحددها المسافر نفسه وفقا لمفهومه ومقاصده من السفر. وهناك من يجني من السفر سبع خسائر، أو أكثر أو أقل، بدلا من الفوائد لعدم اكتراثه بإيجابيات السفر ووقوعه في سلبياته وما أكثرها

زرت نحو ثلاثين بلدا في العالم، في أربع قارات، وهناك من يفوقني في ذلك بالتأكيد، وليس في هذا أي نوع من التباهي أو التميز عن الآخرين، كلا، ولكن تنوع البلدان التي يزورها المرء وتعدد الأغراض من السفر تتيح مجالا أوسع للفوائد

من كسب الرزق إلى صلة الأرحام، ومن الزواج إلى العلاج وعيادة المرضى، ومن السياحة والتأمل في ملكوت الله إلى طلب العلم، ومن الجهاد في سبيل الله والدعوة إلى الإسلام إلى التزود بالثقافات وتعلم اللغات، ومن مصاحبة خيار الناس ( أو صحبة الأماجد على حد قول شاعرنا ) إلى اكتساب عادات الشعوب الحسنة والتعرف على تقاليدهم… ولكم أن تضيفوا ما شئتم ففوائد السفر لا حصر لها

كانت محطتي الأولى إلى الخارج لمرافقة والدي المريض في رحلته العلاجية إلى لندن. وكانت بالنسبة لي وأنا في سن مقاعد الدراسة الثانوية فرصة يحلم بها الكثيرون لزيارة إحدى أهم عواصم العالم وأكثرها تنوعا في حياة سكانها وزائريها وما تقدمه لهم من خدمات وما يقومون به من نشاطات

كانت زيارة المتاحف إحدى المتع التي لا تنسى، والتجول في الميادين والحدائق، رغم برودة الطقس حيث كانت الزيارة في عز الشتاء، في حد ذاته متعة كبيرة، وخصوصا لمن يرى العالم الخارجي لأول مرة

أذكر أننا وصلنا لندن ليلا، وما تزال شوارعها تزدان بإضاءات وأشكال الاحتفال برأس السنة. وكان من الأمور الملفتة بالنسبة لي بعد دخولنا الفندق صرير خشب الأرضيات التي نطؤها بأقدامنا ونحن نمشي داخل الفندق، فلم يسبق لي المشي على أرضية خشبية كهذه. وحتى اليوم حين أزور لندن وتكون إقامتي في أحد الفنادق بوسط لندن، وغالبا ما تكون عريقة وذات مبان قديمة جدا، وأنا أمشي في ردهات الفندق أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها صرير الخشب تحت أقدامي في فندق ستراند الواقع في الشارع الذي سمي الفندق باسمه

هذا الملمح مجرد رمز لعراقة لندن المدينة، فلها طابعها الخاص، في معمارها، شوارعها، حدائقها، أماكن التنزه والتسوق فيها، وسائل المواصلات المتفردة كتاكسي لندن الذي لم يعد لونه أسود فقط بسبب زحف الإعلانات عليه كوسيلة دعاية ناجحة للغاية، وباص لندن الذي احتفظ بلونه الأحمر وإن لم يخل من الإعلانات، وجوانب أخرى كثيرة

لكن الملفت أن لندن وازنت بين عراقتها وموجة العصرنة والتحديث التي شملت كل أرجاء الدنيا، ما عدا المناطق النائية والمنغلقة في العالم وهي في انحسار مستمر على أي حال

تدخل مبنى قديما من الخارج، ولكن مظاهر التصاميم العصرية تحيط بك من الداخل بألوان حداثية وأثاث وإكسسوارات حديثة على الحوائط وفوق المناضد وأنظمة إضاءة متطورة، ناهيك عن وسائل الخدمة والراحة والترفيه العصرية. لا إحساس بالتنافر يمكن أن ينتابك بين القديم في الخارج والحديث في الداخل، بين زخرفات السقف والنوافذ الكلاسيكية وموجودات الغرفة أو الصالة العصرية

تجلس إلى مائدة طعام في مطعم كلاسيكي التصميم والتأثيث ولكن تجد أمامك أطباقا عصرية جدا في طريقة الإعداد والطبخ والتزيين والتقديم

والأمثلة على ذلك لا حصر لها مثلما أن فوائد السفر لا حصر لها

وإلى حلقة أخرى

ابن بطوطة

اضف موقعك لمواقع البحث العالمية

ارسل موقعك مع الدليل العربى لاشهار المواقع
اسم موقعك
البريد الالكترونى
Default EnginesAdditional Engines
altavista
excite
go
google
hotbot
infoseek
lycos
northernlight
whatyouseek
webcrawler
fastsearch
infomak
acoon (.de)
altavista (.au)
altavista-de (.de)
anzwers (.au .nz)
euroferret (european)
fireball (.de)
intersearch-au (.au)
voila (.fr)
webwombat (.au .nz)